بطولة/ عادل إمام + يسرا + عزت العلايلي + أمينة رزق + ناهد جبر
إخراج: محمد راضي ـ تصوير: ماهر راضي ـ تأليف: محمد عثمان ـ مناظر: عبلة زرد ـ موسيقى: شعبان أبو السعد ـ مونتاج: أحمد متولي ـ إنتاج: محمد راضي
وفيلم ( الإنس والجن ـ 1984) ، هو واحد من هذه الأفلام التي تناولت مثل هذه الموضوعات ، كما هو واضح من عنوانه . الفيلم أخرجه محمد راضي ، وقام ببطولته عادل إمام ، يسرا ، عزت العلايلي .
ففاطمة (يسرا) الحاصلة على الدكتوراة في العلوم تعود من بعثة دراسية بأمريكا لتلتقي بشخص غريب وغامض يدعى جلال (عادل إمام) الذييفرض نفسه عليها ويصارحها بأنه يحبها ويريد الزواج منها ، لكن فاطمة ترفض ذلك لأنها تحب زميلها أسامة (عزت العلايلي) الدكتور الذي يعمل معها في مركز الأبحاث ، خصوصاً بعد أن تكتشف ـ ونكتشف نحن أيضاً ـ بأن جلال ليس بشراً ، بل ينتمي الى عالم الجن .
وأمام إصرار جلال على ملاحقة فاطمة ومحاولته إقناعها بالزواج منه لدرجة لجوئه الى التهديد ، فإنها تنهار نفسياً ، ولا تجد مانعاً من التردد على طبيب نفساني ، والذي بدوره يفشل في علاجها ، نتيجة تمسكه بالمنطق العلمي وعدم إعترافه بالجن والغيبيات . لذا تقترح عليها والدتها أن تذهب الى إدريس ، وهو أحد المشعوذين الذين لديهم إتصال بالأرواح والجن ، فترفض في البداية ، ولكنها تضطر للذهاب إليه ليوصلها الى درجة خطيرة من الإنهيار العصبي ، تنقل على أثرها الى المستشفى . وفي النهاية ينجح الدكتور أسامة من طرد الجني جلال الى الأبد ، وذلك بتلاوة الآيات القرآنية .
الفيلم بشكل عام لا يخاطب العقل ، بل يتناول عنصر الخرافة وبأكثر المفاهيم بدائية في عصر العلم والتكنولوجيا . وهو ، أي الفيلم ، يريد أن يثبت لنا بأن العلم عاجز ليس عن تفسير الظواهر الخارقة فقط بل حتى تصديقها ، ورغم أنها موجودة وغير قابلة للشك . ويبدو أن الفيلم نفسه غير قادر على إقناعنا بظاهرة الجن ، وهذا ما يتضح فعلاً في تلك النهاية الساذجة ، حتى يتم طرد الجني بشكل مفتعل ، مع أنه كان الممكن إنصرافه بعد دقيقة واحدة من ظهوره في حياة فاطمة ، إذا كان الحل هو تلاوة آيات قرآنية . لكن يبدو بأن المخرج كان حريصاً على جعلنا نمكث في عالم الجن أطول فترة ممكنة .
يقول المخرج : ... لم تتم الإستعانة بأي متخصصين أثناء تنفيذ الفيلم ، لأن فنانينا على مستوى جيد ولديهم حس مرهف ، والمخرج الواعي ذو الرؤية الصادقة يستطيع أن يستخرج من الفنان أفضل ما عنده من طاقات إبداعية . وبالرغم من كل ذلك ، كانت تواجهنا مشاكل الإمكانيات الضعيفة للسينما المصرية بشكل عام ، وتطلب ذلك مجهوداً زائداً للوصول بالعمل الى شكل يقارب الشكل الذي نتخيله ... .
لكن النوايا الحسنة وحدها لا تصنع فناً ، فالإفتقار الى الإمكانيات أنتج بالضرورة عملاً فقيراً على المستوى التقني ، حيث أن هذا الفيلم يقتضي تلك الإمكانيات التقنية والفنية ، والتي تضفي على فيلم كهذا مصداقية ذات تأثير مقنع . ثم أن المستوى الفني الجيد للفنانين والحس المرهف والوعي والرؤيا الصادقة والطاقات الإبداعية التي تحدث عنها المخرج ، لم تستطع أن تخلق عملاً متميزاً ، أو على الأقل عملاً مقنعاً . فقد لاحظنا بأن الخدع السينمائية التي كانت تصاحب ظهور الجن وإختفائه ، لم تكن مقنعة حتماً ، بل كانت توحي بالسذاجة ، وتذكرنا بالفيلم العربي القديم (طاقية الإخفاء) للمخرج نيازي مصطفى . ولولا التصريح ـ عن طريق الحوار ـ بحضور الجن ، لما إستطاع المتفرج أن يميز بين طبيعة جلال إن كان جني أو إنسان .
كذلك فإن الموسيقى التصويرية التي وضعها شعبان أبو المجد ، لم تستطع أن تسهم في إحداث التأثير المطلوب . فالموسيقى بالذات ـ وكما هو معروف ـ في مثل هذا النوع من الأفلام ، لها تأثير كبير ، ويمكن أن تلعب دوراً أساسياً في خلق حالة من التوتر والإثارة .
هذا هو ما قدمه لنا فيلم (الإنس والجن) ، الذي لم نلحظ فيه سوى ذلك الجهد المبذول في مجال الإضاءة والديكور ، والذي كان ملفتاً بحق ، بالقياس الى التجارب السابقة في السينما المصرية منقول.